الزينة والتجميل في السعودية- هوس الجمال الظاهري واستنزاف الدخول
المؤلف: عبده خال08.16.2025

منذ غابر الأزمان، عرفت الحضارة الإنسانية الاهتمام بالزينة والتجميل، حيث لم ينفك الإنسان عن البحث الدؤوب عما يرضي ذائقته ويجعله يظهر بأبهى حُلّة أمام الآخرين، باحثًا عن الكمال المنشود في صورته الخارجية.
لقد كشفت لنا الاكتشافات الأثرية، عبر مختلف الحقب التاريخية، عن تشكيلة متنوعة من أدوات الزينة والتجميل، والتي كانت في معظمها مخصصة للمرأة. هذا لا يقلل إطلاقًا من اهتمام الرجل بجماله، وإن اختلفت الوسائل؛ إذ كانت أدوات تجميل الرجل غالبًا ما تركز على إبراز سمات القوة والرجولة، كنوع السلاح الذي يحمله، المركب الذي يمتطيه، الملبس الذي يرتديه، أو الخواتم التي يتزين بها، وفي أوقات الحروب، كان الأمر يصل إلى جدع الأنف أو تركيب أدوات خشبية للأطراف السفلية. أما أنواع الطيب والبخور فكانت محدودة.
في المقابل، كانت أدوات الزينة النسائية غالبًا ما تنطوي على قدر كبير من المعاناة والألم، حيث كانت المرأة تخضع لمعاملة قاسية بهدف تحقيق مظهر متناسق مع معايير الجمال التي يفضلها الرجل. لقد تحملت المرأة الكثير سعيًا وراء إعجاب الرجل، فأخضعت نفسها لعمليات الوخز، الثقب، والنقش على وجهها، ومارست ضغوطًا هائلة على قدميها أو خصرها، وحملت أثمن أنواع العطور على رأسها، وأفنت كميات هائلة من الكحل في عينيها. ولم تتوقف أدوات التجميل المساعدة عند هذا الحد؛ بل شملت الملابس الفاخرة، أنواع الطيب الزكية، والمجوهرات الثمينة. ومع تطور تقنيات التجميل، لم تعد هناك امرأة إلا وتمنت تغيير جزء أو أجزاء من شكلها الخارجي، ممّا أدّى إلى ازدهار عمليات التجميل بشكل لافت، حتى بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة، وتحولت إلى قطاع استثماري ضخم. وتشير الإحصائيات إلى أن المملكة العربية السعودية تحتل مركزًا متقدمًا في استهلاك أدوات التجميل، وقد ساهمت عمليات التجميل في زيادة حصة هذا السوق من الإنفاق الاستهلاكي، مما يشكل ضغطًا ملحوظًا على دخل الفرد. ونظرًا لأن هذا الإنفاق يعتبر حرية شخصية، فإنه لا يصاحبه أي نوع من التوعية أو الترشيد، ممّا يستدعي تدخل الجهات المعنية لوضع استراتيجية لتنظيم هذا الإنفاق الباذخ، والتوعية بمخاطر الاستغلال الذي قد تتعرض له السيدات الباحثات عن الجمال، واللاتي قد يقبلن على عمليات تجميلية ذات آثار سلبية على حياتهن على المدى المتوسط.
يجب على جميع السيدات أن يدركن أن العملية التجميلية التي تكلّف عشرة آلاف أو عشرين ألفًا لن تحقق نفس النتائج الجمالية التي تحققها عملية تجميلية بملايين الريالات.
فلا تنخدعن بشفاه هيفاء، أو صدر إليسا، أو قوام فلانة وعلانة، فالجمال الحقيقي ينبع من الداخل، والثقة بالنفس هي أثمن زينة.
وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام، وهي أن النساء بتن يَمِلن إلى تقليد بعضهن البعض، مما أدى إلى ظهور نسخ متشابهة من الجمال المصطنع، وفقدان التميّز والتفرّد.
ختامًا، قد يبدو أن هذه المقالة تتناول موضوعًا هامشيًا، إلا أنني أرى أنها تمس جوهر مجتمعنا المهووس بالمظاهر والشكليات، في حين يتجاهل التجمل في الجوهر والأخلاق والقيم النبيلة.
[email protected]
لقد كشفت لنا الاكتشافات الأثرية، عبر مختلف الحقب التاريخية، عن تشكيلة متنوعة من أدوات الزينة والتجميل، والتي كانت في معظمها مخصصة للمرأة. هذا لا يقلل إطلاقًا من اهتمام الرجل بجماله، وإن اختلفت الوسائل؛ إذ كانت أدوات تجميل الرجل غالبًا ما تركز على إبراز سمات القوة والرجولة، كنوع السلاح الذي يحمله، المركب الذي يمتطيه، الملبس الذي يرتديه، أو الخواتم التي يتزين بها، وفي أوقات الحروب، كان الأمر يصل إلى جدع الأنف أو تركيب أدوات خشبية للأطراف السفلية. أما أنواع الطيب والبخور فكانت محدودة.
في المقابل، كانت أدوات الزينة النسائية غالبًا ما تنطوي على قدر كبير من المعاناة والألم، حيث كانت المرأة تخضع لمعاملة قاسية بهدف تحقيق مظهر متناسق مع معايير الجمال التي يفضلها الرجل. لقد تحملت المرأة الكثير سعيًا وراء إعجاب الرجل، فأخضعت نفسها لعمليات الوخز، الثقب، والنقش على وجهها، ومارست ضغوطًا هائلة على قدميها أو خصرها، وحملت أثمن أنواع العطور على رأسها، وأفنت كميات هائلة من الكحل في عينيها. ولم تتوقف أدوات التجميل المساعدة عند هذا الحد؛ بل شملت الملابس الفاخرة، أنواع الطيب الزكية، والمجوهرات الثمينة. ومع تطور تقنيات التجميل، لم تعد هناك امرأة إلا وتمنت تغيير جزء أو أجزاء من شكلها الخارجي، ممّا أدّى إلى ازدهار عمليات التجميل بشكل لافت، حتى بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة، وتحولت إلى قطاع استثماري ضخم. وتشير الإحصائيات إلى أن المملكة العربية السعودية تحتل مركزًا متقدمًا في استهلاك أدوات التجميل، وقد ساهمت عمليات التجميل في زيادة حصة هذا السوق من الإنفاق الاستهلاكي، مما يشكل ضغطًا ملحوظًا على دخل الفرد. ونظرًا لأن هذا الإنفاق يعتبر حرية شخصية، فإنه لا يصاحبه أي نوع من التوعية أو الترشيد، ممّا يستدعي تدخل الجهات المعنية لوضع استراتيجية لتنظيم هذا الإنفاق الباذخ، والتوعية بمخاطر الاستغلال الذي قد تتعرض له السيدات الباحثات عن الجمال، واللاتي قد يقبلن على عمليات تجميلية ذات آثار سلبية على حياتهن على المدى المتوسط.
يجب على جميع السيدات أن يدركن أن العملية التجميلية التي تكلّف عشرة آلاف أو عشرين ألفًا لن تحقق نفس النتائج الجمالية التي تحققها عملية تجميلية بملايين الريالات.
فلا تنخدعن بشفاه هيفاء، أو صدر إليسا، أو قوام فلانة وعلانة، فالجمال الحقيقي ينبع من الداخل، والثقة بالنفس هي أثمن زينة.
وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام، وهي أن النساء بتن يَمِلن إلى تقليد بعضهن البعض، مما أدى إلى ظهور نسخ متشابهة من الجمال المصطنع، وفقدان التميّز والتفرّد.
ختامًا، قد يبدو أن هذه المقالة تتناول موضوعًا هامشيًا، إلا أنني أرى أنها تمس جوهر مجتمعنا المهووس بالمظاهر والشكليات، في حين يتجاهل التجمل في الجوهر والأخلاق والقيم النبيلة.
[email protected]